عند الحديث عن التعددية في المنطقة العربية، عادة فأول ما يتبادر إلى الأذهان هو التنوع الديني والمذهبي بين سكان المنطقة، فالمنطقة التي شهدت ظهور ثلاثة أديان كبرى، يشغل الدين حيزا كبيرا في تفكير ومحددات رؤية سكانها للعالم.
ومنذ الربيع العربي ظهرت العديد من المبادرات والحركات سواء من الحكومات أو المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية، تهدف إلى تفعيل المواطنة ودعم التنوع، غير أن الكثير منها أتخذ نفس القاعدة كمنطلق لعمله، وهي العلاقة بين أتباع الديانات أو المذاهب المختلفة.
على الرغم من وجاهة وأهمية تلك الجهود، إلا أن التعددية والمواطنة ليست مجرد أطر ومنظمات قانونية تضمن المساواة وعدم التمييز بين المختلفين، أو بين الأغلبية والأقليات، وفيما يتعلق بالثقافة وخاصة ثقافات الأقليات سواء كانت أقليات دينية، عرقية، سياسية، أو غير ذلك، فإن الحفاظ على تلك الثقافات ودعمها من أكبر دعائم السلام الاجتماعي، وفي كثير من التجارب التاريخية في نضال الشعوب نحو المساواة، كان البعد الثقافي هو المنطلق للسلام الاجتماعي.